Saturday, July 5, 2008

كيس الزبالة الأسود



تباطأت حركتها قليلا وهى تئن من تنظيف منزلها شعرت بوهن شديد فمنذ الصباح وهى تعمل
يالهؤلاء الخادمات اللاتى لا يمكن الأعتماد عليهن أبدا
رددت لنفسها وهى تأخد حماما ساخنا بعد يوم عمل منزلى شاق
أرتدت ملابسها وتحركت تجاة المطبخ لتصنع لنفسها كوبا دافئا من الشاى الأخضروالنعناع المحلى بالعسل مشروبها المفضل كانت تشعر بحنق شديد وتتأوة من قدميها وتصب اللعنات على الجميع دون استثناء اولادها وزوجها وخادمتها التى غابت اليوم
كانت تتحرك جيئة وذهابا فى مطبخها
وتردد بصوت عالى وهى تحدث نفسها
لقد تعبت اليوم جدا جدا كيف لم استطع تدبير خادمة جيدة لى مثل صديقاتى يا لحظى العاثر
القت ببصرها على غرف اولادها والتى تعبت فى ترتيبها وتلميع نوافذها وزجاج المكتب بها واطلقت تنهيدة طويلة فساعات وسيحضر هؤلاء الشياطين من مدارسهم وسينتهى كل امل فى الاحتفاظ بالمنزل نظيفا
كانت تعانى من وسواس تجاة النظافة وتشعر بالتوتر بمجرد تغيير مواضع الاشياء من حولها أو رؤية الأتربة
أزداد قلقها تجاة وصول الأولاد ونظرت لمجهودها الذى يوشك ان يضيع بمجرد وصولهم وعادت تتأوة من جديد
رن جرس الباب
كانت هدى العاملة التى تحضر كل يوم فى هذا الموعد لتحمل أكياس القمامة
فتحت لها الباب وناولتها الكيس الأسود الضخم الذى أمتلأ اليوم عن أخرة بالزبالة بعد تنضيف مضنى لشقتها
وضعت لها بعض علب الطعام المتبقى من الأمس
شكرتها العاملة وانصرفت
تحركت تجاة كوبها الساخن من الشاى الأخضر وحملتة بتثاقل وسارت تجاة شرفة منزلها لتتمتع بالنظافة والهدوء الذى تعلم انة سرعان ما سينتهى بمجرد رجوع الأولاد من مدارسهم وزو جها من عملة
أسندت يديها على حائط الشرفة وألقت ببصرها فوجئت بهدى وهى تفترش الأرض بجوار بوابة المنزل الحديدية فى النفق الموازى للعمارة من الجنب
واعداد من اكياس القمامة السوداء قد تناثرت محتوياتها من حولها وهى تقوم بالفرز والتجميع وكأنها ماكينة مصممة لهذا الغرض
يديها تتحرك فى سرعة وتلقائية شديدين
كانت تفرغ كل ما فى اكياس الزبالة على الأرض وتقوم بفرزها
بقايا قشر البطيخ والخبزوالطعام الفاسد على حدة و الاوراق على حدة والصفائح الحديدية والعلب البلاستيكية على حدة
ثم تقوم بتجميع باقى القاذورات وتضعها مرة أخرى فى الكيس الأسود وتحملها الى عربة القمامة المتنقلة والتى تبدو قابعة فى بنهاية الشارع تذهب وتعود فى سرعة وخفة ثم تجمع الأكياس التى وضعت فيها بقايا الطعام والعلب على ظهرها وتنطلق تجاة سلم العمارة مرة أخرى
لم تدرى عاليا ماذا عادت هدى لتفعل فمدت رقبتها خارج الشرفة قليلا لترى ما يحدث فوجدت هدى وقد حملت على كتفيها طفلة نائمة عمرها يقرب من السبع سنوات فقد كانت تحملها بصعوبة مع كل تلك الأكياس التى تتلاحم مع الطفلة على ظهر هدى فلا يمكن التفريق بينهما
منذ أعوام طويلة وهدى تأتى فى نفس الموعد يوميا لتأخذ أكياس الزبالة وبرغم هذا فهذة هى المرة الأولى التى تلمحها عاليا وهى تنقلها لعربة القمامة
فهل كانت تفعل هذا كل يوم ؟؟
تحملها من كل شقق البناية وتقوم بفرزها تحت المنزل وتنظيف المكان مرة اخرى ثم العودة لحمل طفلتها
ولماذا تحمل طفلتها بهذا الشكل ربما ما تزال نائمة فالساعة لم تتعد العاشرة صباحا
لا لا
تذكرت ورددت بداخلها
لقد سمعت مرة احدى جاراتها المقيمات بالعمارة تذكر ان هدى لديها طفلة معاقة
يا الهى
غصة اصابت حلق عاليا وهى تحمل كوبها الذى فرغ وتسير تجاة المطبخ
كان عقلها ما يزال غير قادرا على الاستيعاب شعرت فجأة بشعور غريب
حزن شديد وغضب
لم يكن غضبها من هدى ولا حزنها عليها
لا كانا تجاة نفسها
فما كل هذة النقمة على الحياة التى تتجمع بداخلها كل يوم بمجرد تنضيفها الشقة أو نزولها الشارع لشراء بعض الطلبات أو قلة المصروف الذى يتركة لها زوجها احيانا
وما هذة الثورة التى تنتابها كلما غير أحد أولادها موضع كرسى او كتاب او سقطت منة ورقة سهوا دون قصد
ان زوجها لعلى حق فى كل خلاف لها معة
كانت دائما خلافاتهما تتزايد وتشتعل كلما تأففت من كل ما سبق
نعم انة على حق
كان دائما يردد انها تعيش فى راحة ولديها العديد من النعم التى لا تعد ولا تحصى وكانت هى تتهمة بقلة الحيلة والأستكانة والرضى الزائف وتضغط علية لطلب المزيد
مما كان يتسبب دائما فى خلافات لا تنتهى الا بتركة المنزل وأقامتة اياما لدى والدتة
حتى انها كانت تشعراحيانا بالراحة وهو بالخارج
واولادها بالمدرسة
عند هذة النقطة من التفكير اطرقت رأسها وجلست على اقرب كرسى صادفها
توالت المشاهد امام عينيها
هدى
اكياس الزبالة
الابنة المعاقة
فرز الاكياس
خلافاتها مع زوجها
صراخها الدائم فى اولادها عند لعبهم وتغييرهم للنظام التى وضعتة
شعورها الدائم بأن هناك شئ ما غير مكتمل فى حياتها
بكاؤها كلما غابت خادمتها وشعورها بأن الحياة تنهار تحت قدميها
انسابت دمعة من عينيها
شعرت بقمة التفاهة والغباء
ووجدت نفسها تتمتم وتسجد على الارض بلا وعى
الحمد لله الحمد لله الحمد لله
الحمد لله الذى لا تحصى نعمة ولا تعد
الحمد لله على زوجى الصالح واطفالى الاصحاء ورزقى الوفير
الحمد لله على حوائط منزلى التى تؤيينى وعلى طعامى وشرابى قل أو كثر
الحمد لله على أن حمانى مما أبتلى بة غيرى
كانت ما تزال تتمتم بلفظ الحمد وأطفالها يتقافزون حولها
وزوجها جالس بجوارها متعجبا من جلستها المستكينة بجوارة ونظرة الرضا والهدوء التى تنبعث لأول مرة من عينيها تجاههة
وزاداد تعجبة حين سألها عما غيرها بهذا الشكل
فأجابتة ضاحكة وهى تمسك بيدية وتقبلهما ثم تضعهما على وجنتيها وتنظر فى عينية بحب


السبب عاوز تعرف السبب
السبب يا حبيبى
كيس الزبالة الاسود
تمت