Saturday, June 21, 2008

سراب


سراب


كانت تسير على غير هدى تتأمل واجهات المحلات وتلألأ الأضواء فيها وتثاقلت خطواتها حينما وقع نظرها على هذا المكان الذى خرجت تنشدة ركن صغيرفى أقصى الشمال من مطعم يحمل بين جنباتة عالما من الذكريات والأحلام أسرعت الخطى وهى تلمس بأصابعها كف يدها وتتحسس ملمسها
وتساءلت لما تشعر بكل هذة البرودة بين يديها والخواء بداخلها وتأوهت فى صمت وداعبها الحنين والذكريات حينما كان يمسك يديها ويحتضن اصابعها ويقبلها حينها كان العالم يتلون بلون وردى وتكاد السعادة ترفعها الى أعالى السماء بحرية وأنطلاق
لم تدم علاقتها بة سوى شهرين فقط كانا وكأنهما أيام فى الجنة
خطوبة قصيرة جدا انهارت بسبب مرض والدتة العضال وأضطرارة للسفروبيع كل ما يملك حتى يعالجها فى الخارج فقد كان وحيدها ومرضها كان من النوع النادر والمؤلم
حتى انها ساعدتة بمبلغ من المال وتمنت لو أعطتة أكثر ولكنة رفض بشمم وأباء حتى انة رفض أن تسافر معة وأعطاها حريتها أن تأخر أن ترتبط بأى انسان
وعدها أن يتصل بها فور وصولة ولم يحدث فأستنتجت أن مرض والدتة منعة من الأتصال
سرت موجة من السعادة بداخلها لحظة حين رأت ركنهما المعتاد
سرعان ماخبت حينما عادت لواقعها على صوت الجرسون
أهلا نورتى المطعم يا مدام تطلبى اية حضرتك
طب ممكن دقيقة
حاضر اسف
لا ابدا
شكرا
ماذا تطلب وقع نظرها على المينى على هذا الطبق المعتاد الذى طالما أكلتة معة وتساءلت فى صمت ياترى هل يأكلة الأن ......؟؟؟؟
غصة شديدة فى حلقها أصابتها بحرقة كادت معها أن تتساقط دموعها
تماسكت ورددت يا الهى متى تتخلص من كل هذة الذكريات
ونظرت من خلال زجاج المطعم لتلك القطرات الصغيرة التى تتساقط من السماء ان المطر على وشك ان ينهمر بقوة لتتناول طعامها وتخرج لتستطيع العودة لمنزلها
طلبت المعتاد وتناولت طعامها فى صمت لم تكن جائعة فقد حضرت فقط لتتلمس بعضا من الذكريات فالحنين الية قد أصابها بالوهن ولم تعد قادرة على تناول أى طعام
حملت معطفها وهمت بالخروج تذكرت انها ستمر فى طريقها على صديقتها لحضور حفل عيد ميلاد طفلتها الصغيرة عادت ادراجها للمطعم كان بة قسم للحلوى طلبت تورتة مزينة بقطع الفراولة
كانت مشغولة بأختيار التورتة حين داعبها صوت طالما اشتاقت لسماعة انة هو
يالهى تسمرت قدماها بالأرض وهى تستمع لصوت ضحكاتة لم تستطع النظرخلفها سرت قشعريرة بداخلها وتساءلت ماذا تفعل
كان المطعم كبيرا ومتعدد الجوانب والأركان والأضاءة فية خافتة
تستطيع التسلل دون أن يراها
ولكنها تريد أن تنظر الية
لماذا كل هذا الخوف
لقد مضت عدة اشهر منذ أنفصلا
ولكن لماذ عاد بهذة السرعة
هل شفيت والدتة
ولماذا لم يتصل بها
وكيف ومتى عاد..؟؟؟؟؟
أسئلة حاصرتها وكادت تختنق بها
عادت ضحكاتة تتسلل الى أذنيها
أذن فقد عاد فلماذا لا تتلفت حولها وتذهب الية لترمى بنفسها بين أحضانة
أنة لا شك يتصور أنها أحبت شخصا أخر سواة
فلماذا لا تذهب الية وتخبرة بانها مازالت تحن الية
تحن الى لمسة يدية وحركات وجههة
حين يضحك وحين يحزن وحتى حين يغضب
تحن لتردد ذبذبات صوتة وهو يخبرها فى أذنيها أحبك
تحت لكل ذكرى جمعتهما سويا
تحن لخاتم خطوبتة التى ماتزال تحتفظ به وتلمسه قبل نومها
اتفضلى يا مدام التورتة اتلفت اى خدمة تانى
انتهبت على صوت الجرسون
لا شكرا من فضلك ممكن أسألك سؤال
أتفضلى
فية واحد دخل دلوقتى وتقريبا قاعد ورايا بس انا مش عاوزاة يشوفنى ممكن توصفهولى
ههههههههههه انطلقت ضحكة من الجرسون
يا مدام قصدك الأستاذ مدحت
أيوة أنت عارفة مدحت
دة زبون هناااااااا
أة والله انا فعلا كنت باجى معاة هناااا
طيب هوة قاعد ورايا
لا يامدام قاعد على الترابيزة بتاعتة
اة نفس الترابيزة اللى كنت قاعدة عليها
تجهم وجة الجرسون قليلا ونظر اليها بحزن شديد وتردد قبل أن يقول
مدام انتى كنتى واحدة من؟؟؟؟
نظرة تساؤل ممزوجة بغضب أصابتها حينما سمعت كلماتة التى توحى بشئ لم يرحها اطلاقاااا
قصدك اية
لا اسف بعد اذنك
لا تعال هنا قصدك اية واحدة من أية
انا كنت خطيبتة
يامدام الاستاذ مدحت معروف هنا كل اسبوع مع واحدة وبرضة خطيبتة
احمدى ربنا أنة خلصك منة
دة مشكلة وكمان متجوز وعندة 4 اطفال
دة زبون ريجولاريا مدام والنوع دة عارفينة
سارت رعشة وانهمرت دمعة من عينيها ولم تدرى بماذا ترد
لم تستطع ان تتنفس شئ ما بداخلها دفعها لتصديقة

اسف يامدام والله اسف بس انتى شكلك محترم وبنت ناس
احمدى ربنا
اتفضلى التورتة وانا اسف مرة تانية
لا ابدا متعتذرش
حملت اللفافة وادارت ظهرها
لمحتة من بعيد يمسك بين يدية بكف فتاة لم تستطع رؤيتها لضعف الأضاءة
نفس الملامح نفس الضحكات نفس المكان نفس لمسة اليد
ربما لو أقتربت قليلا ستستمع لنفس الكلمات

هناك بعض الحقائق فى الحياة لا ننتبة اليها ولا ننظرلمعانيهاولا نتوقف عندها برغم انها تصدر
لنا مئات ومئات من الأشارات
ونفاجئ أنها
تصدمنا دون أن ندرى ونتسائل لماذا وكيف ومتى؟؟؟؟؟
~~~~~~~~~~~~~~~~~~
وكان من المفترض فى البداية أن نسأل
لماذا كنا بهذا الغباء فلم نرى بأعيننا
ما يراة كل من حولنا ولو كنا أنتبهنا قليلا
لوجدنا أن نور الحقيقة ساطع لدرجة لا تتحملها عيوننا ولكننا برغم كل ذلك لم نسمح لعقولنا أن تراة
وعشنا في سراب أنتهى كما بدأ نفس السراب


كانت تلك الكلمات التى صاغتها فى نهاية قصتها الأخيرة المعدة للنشر
ولم تكن تدرى حينها انها تكتب عن نفسها
لم تكن تدرى انها ستواجة أقصى مخاوفها وأحباطاتها
فهل ستجعلها التجربة تفتح عيونهاا ع أتساعها
أم ستظل تجرى بمشاعرها وحنينها وراء السراب.........؟؟؟؟؟